نحن والشرطة ( تانى ) - لميس الحديدي

 
 لا يريد كثيرون أن نفتح صفحة جديدة مع الشرطة، بل يتمنى كثيرون أن تظل العلاقة بين الشعب والشرطة فى حالة توتر دائم ومتصل.. وإذا نجح هؤلاء فى مأربهم فلن يبقى من الثورة شىء، وسينتهى الأمر بالشوق للظلم هرباً من نار الفوضى والبلطجة.
ولكل ما سبق، علينا أن نضع رؤوسنا فوق أكتافنا ونُعمل عقولنا، لا حواسنا.. العلاقة مع الشرطة أو الداخلية تحتاج إلى أمرين: المصالحة وتفعيل القانون. المصالحة تحتاج إلى اعتذار صادق قد يخرج فى شكل بيان أو ما شابه تعلن فيه الداخلية اعتذارها عن المظالم التى ارتكبتها فى الماضى. وتؤكد فيه استعدادها لفتح تحقيق مع كل من أخطأ فى حق المواطنين خاصة فى قضايا التعذيب السابقة.. والقضايا فى المحاكم وأمام النيابات كثيرة.. كما أن الأحكام أيضاً موجودة لكنها لم تكن تنفذ.
ذلك الاعتذار هو اعتراف.. ليس اعترافاً بأن كل شرطى مجرم.. بل على النقيض، هو اعتراف بأن الغالبية شرفاء.. لكن القلة المجرمة والملطخة أيديها بدماء الناس وكرامتهم لابد أن تعاقب.. هنا نقطة الفصل فى العلاقة مع الشعب.. إننا أخطأنا وندرك ذلك ونعاقب من أخطأ.
أما الشق الثانى فهو تفعيل للقانون بكل الحسم، دون تهاون، ودون اعتداء.. ويبدو أن كلمات وزير الداخلية فى حوار «المصرى اليوم» تنم عن بوادر ذلك: «سأطلق الرصاص على من يحاول اقتحام الداخلية» وله كل الحق بالقانون.. ومن مات فى «التحرير» فهو شهيد ومن مات أمام أقسام الشرطة فهو «بلطجى» وذاك أيضاً له كل الحق فيه.. وفارق بيّن بين الشهيد صاحب القضية و«البلطجى» صاحب السنجة، حتى لو كان صندوق رعاية ضحايا الثورة الحكومى قد ساوى بينهما لأسباب تخص الحكومة!!
ويجب ألا يشعر رجل الشرطة أو المرور بأن «على رأسه بطحة» فالأمر ليس كذلك. عليه أن يطبق القانون بكل حسم وقوة إن احتاج الأمر، حتى لو هاجمه البعض أحياناً، حتى لو ثار الإعلام ضده واتهمه بالعنف.. ما دام يعرف أنه لم يتجاوز، ما دام يدرك أنه يخدم المجتمع، فلا يخف فى ذلك لومة لائم.
الشرطة عقيدة.. والأهم أن تكون تلك العقيدة راسخة عند أصحابها.. والعقيدة ليست هى الاستعلاء على الناس أو كسر أنوفهم وسحق كرامتهم.. لكن العقيدة يجب أن تتحول إلى خدمة المجتمع والحفاظ على الأمن والقضاء على البلطجة والخارجين على القانون.. تلك هى العقيدة، فإذا بدأت الداخلية فى تطبيق تلك العقيدة وشعر الناس بوجودها فى الشارع وعدم إهمالها لمطالبهم عادوا إليها.. وأعادوا إليها الثقة، والحق يقال إن هناك بعض البوادر قد بدأت تلوح فى الأفق، سواء فى المرور أو فى القبض على بعض الجناة والبلطجية.. ونتمنى أن تدوم ولا تتراجع، هنا يشعر المواطن بأن المؤسسة عادت لعملها وليس للتهكم عليه وإذلاله المستمر.
أما المواطن فعليه الكثير، عليه أن يُشعر رجل الشرطة باحترامه وهيبته، عليه أن يدرك أنه لا مجتمع بلا شرطة ولا حياة آمنة بدونها.
عودة الأمن هى كلمة السر لازدهار أى مجتمع بل لبقائه.. كثيرون داخل الداخلية نفسها وداخل المجتمع لا يريدون لذلك أن يحدث.. فالفوضى ستحمل بذور فناء الثورة، وكم من كاره يتمنى ذلك.. فهل من عاقلين؟!


المصدر : المصري اليوم